حدد العلماء مصدر دفقة راديوية غامضة من الفضاء السحيق حيث اكتشفوا جسمًا غير معروف في مجرة قريبة يبدو أنه مصدر هذه الإشارة وكشف فريق من مركز هارفارد وسميثسونيان للفيزياء الفلكية وجامعة ماكجيل في كندا أن واحدة من ألمع دفقات الراديو السريعة التي رُصدت على الإطلاق جاءت من مجرة NGC 4141 التي تبعد حوالي 130 مليون سنة ضوئية فقط عن الأرض، إن هذا الاكتشاف يشكل خطوة كبيرة نحو فهم هذه الظواهر الغامضة.
وفقا لما ذكرته صحيفة “ديلى ميل” البريطانية فإن الدفقات الراديوية السريعة هي أشعة قوية وسريعة جدًا من موجات الراديو في الفضاء تستمر لبضعة ميلي ثانية فقط، ومن المعروف أنها تأتي من أحداث متطرفة في الكون مثل الانفجارات النجمية الضخمة التي تترك وراءها نجومًا نيوترونية مغناطيسية فائقة الكثافة تعرف باسم النجوم المغناطيسية، إلا أن هذا التفسير قد لا يكون كافيًا لتفسير جميع هذه الظواهر.
تساءل بعض العلماء عما إذا كانت هذه الدفقات لها أصل اصطناعي، ما يعني أنه يمكن أن تكون ناتجة عن تكنولوجيا متقدمة من حضارات فضائية متطورة، وهذا يفتح باب النقاش حول إمكانية وجود حياة ذكية في الكون وقدرتها على إرسال إشارات راديوية عبر الفضاء، مما يزيد من إثارة اهتمام العلماء بالبحث والاستكشاف.
الدفقة التي رُصدت في مارس والمُسماة FRB 20250316A هي الأولى التي يتتبعها علماء الفلك لتحديد موقعها بدقة داخل مجرة مجاورة، ويُظهر استخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي تأكيدًا على أهمية التكنولوجيا في توضيح أصول الإشارات الراديوية، حيث تم رصد ضوء خافت بالأشعة تحت الحمراء قد يخفي المصدر الحقيقي لهذه الإشارة الراديوية.
وعلق ماوسون سامونز، باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة ماكجيل بأن هذا الاكتشاف يمثل بداية حقبة جديدة في مجال الفلك قد يمكننا من تحديد مواقع الدفقات الفردية بدقة متناهية مما يعزز من فهمنا لما وراء هذه الظواهر، إذ أن المنهجيات الحديثة ستفتح آفاقاً جديدة للبحث العلمي وتحليل البيانات.
الأبحاث الأخيرة تؤكد أن الدفقة جاءت من اتجاه كوكبة الدب الأكبر وتم تتبعها إلى منطقة صغيرة على أطراف NGC 4141 بحجم عنقود نجمي، وعلى الرغم من بعدها 130 مليون سنة ضوئية عن الأرض إلا أن هذه المجرة تعتبر أقرب نسبيًا مقارنة بالدفقات الأخرى التي أُبلغ عنها والتي جاءت من مليارات السنين الضوئية، كل ذلك يساعد على تسليط الضوء على الغموض المحيط بالفضاء.
تم اكتشاف الدفقة باستخدام تلسكوب راديوي كندي يعرف باسم CHIME والذي مصمم خصيصًا لالتقاط هذه الدفقات النادرة، وقد حصل هذا التلسكوب مؤخرًا على ترقية من خلال إضافة تلسكوبات مثبتة موزعة في أمريكا الشمالية مما زاد من دقته وكفاءته في تحديد الموقع، وبفضل هذه التوسعات تمكّن العلماء من تحديد الموقع الدقيق للإشارة كما لو كانوا يراقبون عملة معدنية من مسافة تصل إلى 130 ميلًا.
بعد اكتشاف الدفقة استخدم العلماء تلسكوب جيمس ويب الفضائي لالتقاط صور دقيقة بالأشعة تحت الحمراء لنفس الموقع، مما كشف عن الجسم الخافت الذي قد يكون نجمًا محليًا أو شيئًا آخر، وهذا يمثل خطوة أخرى نحو فهم الألغاز الكونية ويدعو العلماء للمزيد من البحث والتحليل في هذا المجال.