تمر اليوم الجمعة مئة عام على ميلاد النجمة هدى سلطان التي ولدت في 15 أغسطس عام 1925 وقد تركت إرثًا فنيًا ضخمًا من الأعمال السينمائية والدرامية والمسرحية والغنائية وتظل أعمالها حيّة في ذاكرة محبيها وعشاق فنها، إنها واحدة من علامات الفن المصري التي تألقت في مجالات عدة وكانت دائمًا مثالًا للفنانة الملتزمة بعملها، لا تزال تؤثر في الأجيال الجديدة من الفنانين وتلهمهم بحكاياتها وتجاربها في عالم الفن.
في حياتها اليومية كانت النجمة هدى سلطان تُجسد شخصية “فاطمة تعلبة” التي قدمتها في المسلسل الشهير “الوتد” حيث كانت هذه الشخصية مرآة لعواطفها الحقيقية، حفيدتها الفنانة ناهد السباعي أشارت إلى أنه في أوقات عائلية كانت هدى سلطان تُعبر عن الحنان والطيبة، رغم أنها كانت تُعرف بشخصية فاطمة القوية، شعرت حفيدتها بحبها الحقيقي خلال حادثة تعرضت لها حين كانت بجوارها دومًا وكانت تمثل دور الجدة الحنونة التي تهتم بأحفادها.
على الرغم من الأدوار الجريئة التي قدمتها في مسيرتها الفنية كانت دائمًا تقول إن عليها العودة للمنزل قبل غروب الشمس، كانت تتمتع بشخصية قوية وملهمة إذ لم تكن تحب الغناء في الأفراح لكنها أحرصت على غناء أفراح الأسرة، تلك اللحظات التي تجتمع فيها العائلة تعكس الجانب الإنساني في حياتها بعيدًا عن أضواء الشهرة، لقد شكلت هذه اللحظات سجلاً خاصًا في الذاكرة مهمًا يعبر عن حبها لعائلتها.
بدأت مسيرتها الفنية في عام 1950 حين اقترب منها المنتج جبرائيل نحاس الذي أُعجب بموهبتها الفذة حيث عرض عليها المشاركة في فيلم “ست الحسن” ونجحت في إثبات نفسها خلال فترة قصيرة، كما حصلت على عقد احتكار لثلاثة أفلام دفعة واحدة وكانت انطلاقتها الحقيقية، عرفت بعد ذلك بتقديمها العديد من الأعمال السينمائية من بينها “امرأة في الطريق” الذي نالت عنه العديد من الجوائز، كان لها شغف بالمسرح حيث استعرضت موهبتها بأداء أدوار قوية وعميقة.
قامت هدى سلطان بتقديم إنتاجات درامية تلفزيونية مميزة مثل “زينب والعرش” و”الليل وآخره” و”ليالي الحلمية”، كانت هذه الأعمال تستعرض مختلف القضايا الاجتماعية وتلقي الضوء على قضايا المجتمع المصري، من جانبها كانت تتمتع بشعبية كبيرة ونالت حب الجمهور، كانت آخر أعمالها التلفزيونية “سلالة عابد المنشاوي” و”لا يا بنتي العزيزة” حيث أظهرت قدرتها على التكيف واستمرار العطاء الفني.
على خشبة المسرح كان لها أيضًا دور كبير فقدمت العديد من المسرحيات البارزة مثل “الحرافيش” و”وداد الغازية” وغيرها، حيث عُرفت بتقديم شخصيات متنوعة تمكنت من تجسيدها بإبداع مما جعلها تحظى بتقدير واسع في الوسط الفني، كانت تعتبر من الفنانات اللواتي أثرن في تاريخ المسرح المصري، تركت وراءها إرثًا فنيًا غنيًا وملهمًا لجميع الفنانين وقدمت العديد من الإسهامات للنهوض بالفن في مصر.