قبل نحو ثلاثة عقود، كان الإنترنت مجرد شبكة معقدة تقتصر على استخدامات الباحثين والعسكريين لتبادل المعلومات، لم يكن أحد يتصور في ذلك الوقت أن هذه الأداة ستصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فمنذ إرسال أول بريد إلكتروني في السبعينيات إلى ظهور تطبيق تيك توك الذي يستخدمه مليارات الأشخاص اليوم، حقق الإنترنت تطورًا مذهلًا غيّر شكل التواصل والاقتصاد والثقافة، ففي 30 عامًا فقط أدت هذه الثورة الرقمية إلى إعادة تشكيل الواقع بحيث أصبح الإنترنت أسلوب حياة متكامل ومؤثر.
في عام 1971، أرسل المهندس الأمريكي راي توملينسون أول رسالة بريد إلكتروني، لتكون هذه اللحظة البداية الحقيقية لعصر التواصل الرقمي، ومع دخول الثمانينيات، بدأ استخدام الإنترنت يتوسع بشكل تدريجي في الجامعات والمراكز البحثية في الولايات المتحدة وأوروبا، ورغم ذلك، بقيت هذه الشبكة حكرًا على الأوساط الأكاديمية والعسكرية، ولم تنفتح أمام الجمهور بشكل كامل.
مع بداية التسعينيات، أطلق تيم بيرنرز لي شبكة الويب العالمية عام 1989، مما جعل الإنترنت متاحة للجميع، وبدأت المواقع الإلكترونية تظهر تباعًا، في 1998 أطلق محرك البحث جوجل والذي غيّر قواعد اللعبة تمامًا من خلال توفير طريقة سهلة للبحث عن المعلومات وسط الفوضى الرقمية، وشهدت هذه الفترة أيضًا ولادة التجارة الإلكترونية مع دخول أمازون وإيباي في السوق، مما أسس لنشوء الاقتصاد الرقمي.
منذ عام 2004، ومع تأسيس فيسبوك، استهل العالم عصر الشبكات الاجتماعية، حيث لم يعد الإنترنت مجرد وسيلة للحصول على المعلومات، بل أصبح منصة للتعبير والتواصل وبناء مجتمعات افتراضية، تبعت تلك الثورة ظهور تويتر في 2006 ويوتيوب في 2005، مما أتاح للجميع فرصة أن يصبحوا ناشطين في نشر الأخبار وصناعة المحتوى، وهذا التحول أطلق العنان لظهور ثقافة جديدة في التفاعل الاجتماعي.
بالانتقال إلى العقد الأول من الألفية الجديدة، مع ظهور الهواتف الذكية ونظامي iOS وأندرويد بعد عام 2007، تحوّلت تجربة الإنترنت إلى تجربة متنقلة تصل دائمًا إلى المستخدمين في جيوبهم، حيث سيطرت التطبيقات على المشهد مع واتساب وإنستجرام وسناب شات، مما جعل التواصل أكثر توثيقًا وبصرية، وأصبحت هذه الفترة معروفة بانفجار البيانات الضخمة وصعود منصات البث المباشر التي غيّرت طبيعة التفاعل.
في السنوات الأخيرة، برز تطبيق تيك توك ليقود ثورة جديدة في عالم الإنترنت، مع استنادها إلى مقاطع الفيديو القصيرة والتقنيات المتقدمة في الخوارزميات، أصبحت المنصة الأسرع لنشر المحتوى على مستوى العالم، ما أدى إلى تحويل ملايين المستخدمين إلى مؤثرين وصنّاع محتوى، ومع هذا التحول، ازدادت سرعة الإنترنت وتفاعليته، ليغمر العالم في ثقافة بصرية جديدة تغير من طريقة استهلاكنا للمعلومات.
