ساعات قليلة تفصلنا عن انطلاق فعاليات الدورة الثانية والثمانين لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، حيث تتجه الأنظار نحو شاطئ ليدو الإيطالي في هذه المرة لنشهد موقفًا سياسيًا وإنسانيًا يجذب الانتباه، تقوده مجموعة من السينمائيين الإيطاليين والعالميين تضامنًا مع غزة، هذا النداء لم يتوقف عند حدود الفن بل تخطاه إلى قضايا إنسانية معقدة تعكس الوضع الراهن في فلسطين، مما يجعل هذا المهرجان منصة بارزة للتعبير عن آراء هذه النخبة الفنية من مختلف أنحاء العالم،
في خطوة غير مسبوقة، قام مئات السينمائيين الإيطاليين بتوقيع رسالة مفتوحة تحت شعار “Venice4Palestine”، حيث طالبوا المهرجان وهيئة البينالي بتبني موقف واضح ومفصل تجاه الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة، هذه الرسالة تعكس تفاعل المجتمع الفني مع الأحداث الجارية، وتبرز الدور الحيوي للفن في قضايا العدالة الاجتماعية، فالتوقيع يشمل أسماء بارزة من صناع السينما مثل المخرج ماركو بيلوتشيو والنجمة ألبا روهرواشر، مما يعكس أهمية الحدث وينشر الوعي حول الصراع الفلسطيني،
البيان المنضم إلى الرسالة جاء مليئًا بالعبارات المعبرة حيث جاء فيه “أوقفوا الساعات وأطفئوا النجوم، العبء ثقيل جدًا على مواصلة العيش كما كان”، لذلك فإن الرسالة تدعو بوضوح إلى ضرورة إدانة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والفصل العنصري، ما يعكس الحاجة الملحة لإعادة النظر في قيم الإنسانية، وأهمية وقوف الفن مع قضايا الظلم والتحديات التي تواجه الأمة الفلسطينية، فعندما يتحدث الفن يصبح له تأثير كبير يتجاوز حدود الشاشة،
على الرغم من الضغوط السياسية، يستعد مهرجان فينيسيا لافتتاح منافس وفاخر يضم نجوم السينما من جميع أنحاء العالم، مثل جوليا روبرتس وجورج كلوني، حيث سيصل هؤلاء النجوم على متن سيارات مائية في مشهد يجذب الأنظار، هذا الافتتاح يعد فرصة لالتقاء مشاهير الفن مع جماهيرهم، مما يساهم في خلق أجواء احتفالية رغم وجود الرسائل العميقة الموجهة لدعم القضية الفلسطينية، ويعكس قدرة الفن على التجدد والتميز في ظل التحديات المضنية،
هذا العام، يقدم المهرجان توازنًا بين الأفلام الضخمة والإنتاجات المستقلة، بينما يحمل العديد منها رسائل سياسية واضحة، من أهم هذه العروض فيلم “The Smashing Machine” برؤية المخرج بيني سافدي، وهو يعكس كيف يمكن للسينما أن تتناول قضايا معقدة بطرق جذابة، ومن الأفلام البارزة أيضًا “The Wizard of the Kremlin”، حيث يجسد النجم جود لو شخصية الرئيس الروسي بوتين، وهذا يعد مثالًا على كيف أن الفن يمكن أن يكون أداة تحليل وتعليق على الأحداث العالمية، وكذلك استكمالًا للقضية الفلسطينية سينضم فيلم المخرجة التونسية كوثر بن هنية إلى القائمة، ما يعكس اهتمام السينما بقضايا العالم العربي،
بهذا الشكل تبدو الدورة الثانية والثمانون لمهرجان فينيسيا أكثر من مجرد نشاط سينمائي، فهي ستصبح منبرًا يلتقي فيه الفن بالسياسة، حيث تتواجد الاحتجاجات بين الفخامة، وسيجسد الفن قضايا إنسانية ملحة ومهمة، وأصوات النجوم على السجادة الحمراء وبياناتهم تمنح المشاهدين لمحة عن كيف يمكن للسينما أن تساهم في التأثير على الوعي الاجتماعي، مما ينعكس بشكل إيجابي على المستقبل ويعزز من إمكانية التضامن مع القضايا الإنسانية العادلة.