لاحظ الباحثون أن الطيور أصبحت تغرد لفترات أطول مما كانت عليه سابقًا حيث بلغ متوسط الزيادة حوالي ساعة يومياً وقد جاءت هذه النتائج بعد تحليل ملايين الساعات من تسجيلات التغريد مما أظهر أن التلوث الضوئي الناتج عن النشاط البشري هو السبب الرئيسي وراء هذا التغير في سلوك الطيور مما يثير القلق بشأن تأثيرات هذه الظاهرة على الحياة البرية بشكل عام، إذ إن التغيرات في نمط التغريد قد تؤثر على التوازن البيئي.
الدراسة اعتمدت على بيانات مشروع BirdWeather الذي يجمع معلومات من مشاركين هاويين يستخدمون أجهزة صوتية في منازلهم لالتقاط أصوات الطيور حيث يقوم البرنامج بفصل أصوات الطيور عن الأصوات الأخرى ويرسل البيانات إلى خريطة لحظية توضح مواقع الطيور ونشاطها، هذه الطريقة تساعد في رصد التأثيرات البيئية بشكل دقيق ويساعد في فهم كيف تؤثر العوامل المحيطة على سلوك الطيور، مما يدعو للتفكير في أهمية الجهود البحثية.
الباحثون درسوا أنماط التغريد لـ 583 نوعًا من الطيور النهارية ووجدوا أن الطيور التي تعيش في مناطق التلوث الضوئي بدأت بالغناء أبكر بـ 18 دقيقة واستمرت في التغريد لمدة 32 دقيقة إضافية بعد حلول الليل مما يشير إلى ضغوطات جديدة تواجه الحياة البرية نتيجة التغيرات البيئية المحيطة بالطيور، ومن الضروري فهم ما إذا كانت هذه السلوكيات الجديدة تصب في مصلحة الطيور أو أنها تحمل معها مخاطر.
وبحسب الدراسة كان التأثير أكثر وضوحًا على الطيور ذات العيون الكبيرة والأعشاش المفتوحة خلال موسم التكاثر، لكن العلماء يواجهون تحديًا في تحديد ما إذا كان هذا التأثير إيجابيًا أم سلبيًا حيث يمكن أن يؤدي إلى تقليل وقت الراحة وزيادة الإرهاق مع تقديم فرص جديدة للبحث عن الطعام أو تحسين فرص التزاوج مما يترك المجال مفتوحًا لتحليلات أخرى قد تستكشف التأثيرات الناتجة.
التلوث الضوئي لا يقتصر أثره على الطيور فقط بل يؤثر على أكثر من 80% من الكائنات الحية التي تعيش تحت سماء ملوثة بالضوء، فقد أدت هذه الظاهرة إلى موت الحشرات وتشويش مسارات الطيور المهاجرة واضطراب الهرمونات الموسمية وتغيير عادات التكاثر لدى السلاحف البحرية مما يعكس مدى اتساع تأثير هذه المشكلة، ويجب العمل على إدراك عواقبها.
أظهرت نتائج الدراسة ضرورة فهم أعمق لتأثير الضوء الاصطناعي على النظم البيئية حيث دعا الباحثون إلى تبني سياسات دولية تعمل على مواجهة التلوث الضوئي مماثلة لتلك الجهود المبذولة لمكافحة تغير المناخ وذلك بهدف الحفاظ على ظلام الليل كجزء أساسي من التوازن البيئي، إن الحفاظ على هذه الظواهر الطبيعية أمر ضروري لصحة النظم البيئية.